بعد الانهيار الاقتصادي في لبنان.. الشعب مهدد بالجوع والمغتربون سر صموده

بعد الانهيار الاقتصادي في لبنان.. الشعب مهدد بالجوع والمغتربون سر صموده

لبنانيون لـ"جسور بوست": نعيش حالة سوداوية ولا نجد قوت يومنا.. وحكومة إنقاذ أملنا الوحيد في النهوض

في شهر رمضان لا نستطيع شراء السلع الرئيسية.. وشراء الأدوية لم يعد في إمكانية المواطن

بطالة وانهيار سياحي وأزمة كهرباء وغلق للشركات والفنادق الكبرى.. حال لبنان بعد الانهيار

 

لبيروت من قلبي سلامٌ لبيروت، وقُبلٌ للبحر والبيوت لصخرة كأنها وجه بحار قديم.. جزء من أغنية تغنت بها فيروز تصف عاصمة لبنان، ذاك البلد الذي لُقِّب بـ"باريس الشرق الأوسط" و"مدينة الألهة"، "بيروت الأبية والمجيدة".

لكن بيروت لم تعد كما كانت بعد 4 أغسطس 2020، أي بعدما شهدت العاصمة انفجار "المرفأ"، أكبر انفجار لها في التاريخ. 

كذلك يشهد لبنان منذ عام 2019 انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.

يتزامن ذلك مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من 80% منهم تحت خط الفقر.

أزمة زهرة الشرق كما يلقبها البعض، تفاقمت بعد تخلف لبنان عام 2020 للمرة الأولى عن سداد ديونه الخارجية، لدرجة أعلن معها سعادة الشامي نائب رئيس الحكومة اللبنانية في إبريل الحالي "إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي"، وقال إنه سيجري توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين.

ووفقًا لتقرير بنك النقد الدولي 2021، فإن ذلك يتضح في انهيار الخدمات العامة الأساسية، واستمرار الخلافات السياسية الداخلية المُنهكة، ونزيف رأس المال البشري وهجرة الكفاءات على نطاق واسع، وتتحمل الفئات الفقيرة والمتوسطة العبء الأكبر للأزمة، وهي الفئات التي لم يكن النموذج القائم يلبي حاجاتها أصلاً.

ويبلغ تعداد سكان لبنان 2021 وفقًا لما جاء في بيان الأمم المتحدة نحو 6,831,971 نسمة، ويمثل حوالي 10% من إجمالي عدد السكان في العالم، ويحتلّ لبنان المركز رقم 109 في قائمة الدول من حيث عدد السكّان.

 

لا طعام في هذه المدينة

سامر الحلبي من لبناني يحكي لـ"جسور بوست" تأثير الانهيار الاقتصادي على الشعب اللبناني فيقول: "ساء وضع الأسر اللبنانية حد الفقر المدقع، كثير من العائلات لا تجد قوت يومها، وفي طرابلس شمال لبنان تفطر العائلات على صنف واحد من المأكولات يوميًا، وهو الـ"معكرونة" بدون لحم، وبعض الأسر لا تجد هذا الطعام، كذلك ارتفعت نسبة البطالة وزادت أزمة انقطاع الكهرباء، ومن ثم ظهرت سرقتها من المولدات بالأحياء، وأغلقت الشركات الكبرى مثل “بيتزاهت” و"كوكاكولا"، وعن الانهيارات حدث ولا حرج لقد طال كل شيء، انهارت السياحة وأغلقت الفنادق الكبرى، كذلك انتشرت السوق السوداء في غياب تام من الدولة، لا محاكمة لا مراقبة على الأسواق".

 

لكن تظل هناك نافذة أمل بعودة سفير السعودية وكذلك الكويت إلى لبنان، وما تعتزم عليه الدولة من إصلاحات كإعادة هيكلة المصارف كجزء من تهيئة الدولة لعقد اتفاقات مع صندوق النقد الدولي، حاليا وفي 15 مايو القادم من المنتظر حدوث انتخابات نيابية، نأمل أن تحدث فارقًا". 

فقر مدقع ونظام صحي متدهور

سحابة سوداء تغطي سماء لبنان، لقد عم الظلام وتفشى الفقر وبات من الصعب الحصول على كسرة خبز، تقول الإعلامية  اللبنانية غادة عيد لـ"جسور بوست": ما نعيشه في لبنان الآن لم تصادفه لبنان قبل، نحن نعيش نقلة نوعية سلبية، حتى في أيام الحرب كان هناك نوع من الرخاء، الفقر يزيد على 80%، وهناك قرابة 10% فقط هم من ينعمون بمستوى مادي جيد، وهم المستفيدون من الوضع الراهن للبنان والمتسببون فيه، كنت أنبه وأقول دائمًا إن الفساد المتفشي سيؤدي بنا إلى مالا تُحمد عقباه وقد كان".

وتتابع: "حتى سرقة الأموال العامة والخاصة لم نستطع إيقافها من خلال الثورة مثلما فعلت مصر، أكثر ما يؤلم أننا نفتقد الأدوية لارتفاع أسعارها وعدم وجودها، الوضع الصحي بشكل عام يرثى له، كذلك الوضع الغذائي، نحن مهددون بقطع القمح ونعيش بحالة سوداوية على جميع المستويات".

وعن وضع المرأة تضيف غادة: "كانت المرأة تهتم بأناقتها وجمالها، لتوفر الماديات، اليوم انقلب الوضع حتى من لديهم أموال لا يستطيعون الحصول على مدخراتهم، يتاح لهم الحصول على 15% فقط".

وتتابع: "الاغتراب للشعب اللبناني وهجرته إلى بلدان أوروبا ودول الخليج، لعب دورًا إيجابيًا في هذه المرحلة، حيث يعتاش لبنان على العاملين بالخارج، فكل مغترب يرسل شهريًا بعض الدولارات التي تساهم في المعيشة أو العلاج، أملنا بحكومة إنقاذ تكسب ثقة المجتمع الدولي لعمل نهضة اقتصادية لهذا البلد الجميل، نجد أثرها على كافة المستويات الصحية والتعليمية والاجتماعية".

وعن الوضع في شهر رمضان تقول: "هناك عائلات لا تستطيع شراء الخضار، كيلو البندورة بـ40 ألف ليرة، السلع الرئيسية لم تعد في متناول المواطن، لقد تغيرت حياتنا سلبًا ولكن يبقى الأمل".

من المسؤول؟

حمّل البنك الدولي، مسؤولية انهيار الاقتصاد اللبناني، للنخبة الحاكمة، محذراً في تقرير أصدره، 2021 من تعرض الاستقرار والسلم الاجتماعي للانهيار على المدى الطويل، في وقت استأنف مجلس الوزراء جلساته برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدراسة مشروع قانون موازنة 2022 فيما يوقع وزراء الطاقة اللبناني والسوري والأردني اتفاقيتين، لتزويد لبنان بالكهرباء.

 

بصيص نور

أعلن صندوق النقد الدولي في فبراير الماضي، عن خارطة طريق عرضها على لبنان، مشدداً على أن "حجم الخسائر غير المسبوق في القطاع المالي يجب أن يعالج بطريقة شفافة مع حماية صغار المودعين". 

ويكرّر صندوق النقد التأكيد على أنه لن يقدم أي دعم مالي طالما لم توافق الحكومة اللبنانية على مباشرة إصلاحات طموحة ضرورية لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية، على رأسها تصحيح الموازنة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المؤسسات العامة والتصدي بحزم للفساد المستشري.

 واتفق المفاوضون اللبنانيون على تقدير حجم الخسائر المالية بـ69 مليار دولار، من دون التوافق بعد على كيفية توزيعها. 

 ويحول الانقسام السياسي والخلاف في وجهات النظر دون المضي قدماً في تطبيق الإصلاحات المطلوبة، خصوصاً إقرار اقتراح قانون لتقييد الودائع أو ما يُعرف بـ"الكابيتال كونترول". 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية